Tuesday, August 11, 2009

خيانة المثقفين


فى اى بلد
اى بلد

مهما كانت مدى تقدمها ومهما بلغ ثقافة شعبها
فى اى بلد يحكم 20% من السكان الـ 80% الباقين

قد تختلف النسب صعودا هنا ونزولا هناك
ولكن تظل هناك اقلية تحكم الاغلبية

اما الاقلية الحاكمة فهم الاذكياء المثقفون العباقرة المبدعون اصحاب الافق الواسع والنظرة البعيدة والموهوبون فى الاستراتيجيات الاجتماعية واصحاب القدرة على التأثير فى الرأى العام ويملكون من فصاحة اللسان وبلاغة البيان ما يجعلهم اصحاب قبول وتقدير من العامة

بالاضافة انهم مهتمون بالحكم بدرجاته ويرون فى انفسهم الاحقية والاهلية لاعتلاء قمة الهرم والتمتع بالقيادة وصناعة المستقبل

لا تتعجل وتقيس ما سبق على مجتمعنا فما زال للحديث بقية

ما سبق هو الواقع العام
لنقل انه الواقع المنطقى والحقيقى والامثل ايضا

والاغلبية المحكومة معروفة
هم الشعب العادى الغير مهتم بالحكم وحتى لا يرى فى نفسه اهلا لذلك

لكن المعادلة موزونه جدا
فالمحكومون هم الاقوياء لانهم اكثرية ولا سبيل للاقلية الحاكمه ان تحكم الا اذا وافقوا او على الاقل لم يعترضوا
بل ان الحاكمين يستخدمون بعض المحكومين جندا يحمون بهم نظامهم وهذا طبعا لم يخرجهم من فئة الاغلبية المحكومة

ماذا اذا يحدث عندما يصل الى قمة الحكم من لا يستحق ومن لا يمكن ان ترضى عنه الاغلبية

لابد ولامفر ولاوسيلة الا ان ترضى عنه الاغلبية المحكومة او فى اسوأ الاحوال لا تكون راضية ولكن ليس للدرجه الكافيه للثورة عليه

ليس امام الحاكم الا استمالة المثقفين
هذا هو الطريق الوحيد والقديم والازلى والمجرب والملازم لكل دكتاتوريات البشرية
المثقفون غير مرغوبين لذواتهم ولا لمواهبهم ولا لقدراتهم لانهاض الامة ودفعها للامام
انهم فقط مطلوبون لانهم اصحاب تأثير فى الرأى العام
انهم اصحاب منطق يلعبون بالبيضة والحجر ويجعلون الابيض اسود والاسود ابيض ولا يصمد امام منطقهم الناس الغلابة التى تتمنى فقط ان تعيش فى كرامة وعزة
وصحة

هؤلاء المثقفون هم جند الديكتاتور الحقيقيين وليس الجنود الغلابة
هؤلاء المثقفون هم المجرمون الحقيقيون وهم أس بلاء الامة وسبب تأخرها
هؤلاء هم الذين يعرفون الحقيقة ويكذبون ويخلقون آمال وهميه ويصنعون منطقا وهميا يخدعون به المحكومين

ولكن كيف ولماذا ينحازون الى الديكتاتورية ويختارون طريق الخيانة والكذب؟

بالمال والنفوذ والشهرة والقيادة والمناصب
بعرض الدنيا الزائل الساذج التافه

هذا كله يملكه الديكتاتور ويمنحه لكل مثقف صاحب تأثير فى الناس بمجرد ان يبرز تأثيره وتظهر مواهبه ويبدأ الناس فى الالتفاف حوله وترديد اسمه

لكن هل كل المثقفين يبيعون انفسهم؟

لا بالطبع
هناك دائما الشرفاء فى احلك الاوقات وفى اصعب الظروف
هناك دائما اصحاب ضمائر لا يساوى عذابها كل ذهب السلطان

ما العمل مع هؤلاء؟

يخيرهم الحاكم ضمنا وفى صمت وباشارات يراها الاعمى بين شيئين

اما الصمت والانزواء والتأمل من بعيد
واما الضرب بلا هواده

ضربا لا شرف فيه ولا فروسيه ولا نبل
ضرب لن يخرج منه سليما ابدا الا بمعجزه آلهيه
فى النهايه سيكون لصا او زانيا او شاذا او مزورا او جاسوسا او مرتزقا

لا حول ولا قوة الا بالله
الان جيل جديد من المثقفين يتعاون مع الجيل القديم فى نفس الدائرة الجهنميه للضحك والكذب على الاغلبية

‏ جمال احسن من غيره
جمال رئيس مدنى اخيرا
جمال يفى بوعوده
جمال مثقف وذكى
طيب مين غيره
الخ الخ الخ

اقرأ كل تاريخ ديكتاتوريات البشريه ستراها قامت على اكتاف خيانة المثقفين

المثقفون هم داءنا للاسف

ما بين خائن وصامت ضاعت الامة