Wednesday, February 27, 2008

تجربة مريرة

تحديث على هذا البوست
بسبب شعور خجل فجائى وبسبب مرور عام على بدايتى التدوين
جعلت اسأل نفسى
ما هو الاطار المناسب للبوستات
طبعا انا لى افكار عامه حول هذا الاطار
من اهمها الا يكون شخصى والا يكون تعبيرا عن مشاعر او مشكله لا تهم الا صاحبها وانه من الانسب ان تكون قضايا عامه وافكار لا ترتبط باشخاص قائليها ولا بسلوكهم
صحيح انه من الصعب الالتزام بهذا الاطار بنسبة كبيره
لان ما نتعرض له شخصيا فى الحياة من احداث او مشاعر او مواقف هى غالبا نتاج مواضيع عامه حتى لو بدت شخصيه او مشخصنه
ولكن لم يمنعنى هذا التفكير من الشعور ببعض الخجل والحياء من اخوانى القارئين ان ملأت صفحة مما يقرأون وشغلت بضع دقائق من وقتهم فى هذا الموقف الشخصى العام

والحقيقه سبب هذا الكلام ان من رأى غير من سمع
والسرقه موضوع بسيط فى القصه
الموضوع (الزلزال) هو طريقة تعامل البشر مع البشر
صدقونى اسأل نفسى من وقتها

انحن اصحاب رأى؟
ام اصحاب قضية؟

الحقيقة انى مجرد صاحب رأى اقوله لو سنحت الفرصة
واذا قيل لى توقف سأتوقف لانه مجرد رأى
لو كنت صاحب قضية كنت وضعت فى حساباتى الكفاح من اجلها وتحمل الايذاء والاهانة والصفعات والشتائم وما هو اسوأ
ولكن عندما رأيت
وفتشت داخلى
وسألت نفسى
وجدت الفرق كبير جدا بين اصحاب القضايا وبينى

وربما حان الوقت للاعتراف الداخلى
ان مصائبنا ومشاكلنا وانحدارنا الى القاع سببه اننا لسنا اصحاب قضية
او
ربما بعنا القضية


الامس الساعة السادسة والنصف مساءا
مكالمة على التليفون من رقم مجهول
صوت أجش يقول
يا باشا انا فلان مخبر من قسم سيدى جابر
ابنك معانا ما تقلقش وحييجى معانا القسم نص ساعة بس
اهو معاك يطمنك
ثم صوت ابنى يقول يا بابا اتنين هددونى بمطاوى وسرقوا موبايلى والمخبرين مسكوا واحد واحنا رايحين القسم

ذهبت مسرعا الى القسم وطلعت مسرعا الدور الثانى حيث المباحث
وجدت ابنى يجلس فى غرفه صغيره ومعه ثلاث مخبرين والاربعه يهزرون ويضحكون
اخذت ابنى بالاحضان واطمأننت انه لم يصب بمكروه وانه خالى من اى جروح او اصابات وبدأت استوعب الاحداث

الفتى خرج من نادى سموحه ويستعد للذهاب الى المنزل امام النادى
فقط يعبر الطريق
اقترب منه شابان واخرجا مطاوى قرن غزال ووضعاها فى جنبه وقال احدهم الموبايل
الفتى اعطاه اياه بدون كلمه
الثانى فتش جيوبه بسرعه ولم يجد شيئا
تركاه وانطلقا يجريان

فجأه انشفت الارض عن ثلاث مخبرين كانوا على الجهه الاخرى من الطريق الواسع جدا وانطلق منهم اثنان خلف الشابين بسرعه رهيبه وانطلق الثالث ناحية ابنى صائحا به ان ينتظرهم ولا يتحرك
ظهر فجأه ايضا ظابط بوليس يركب موتسيكلا اشترك فى المطارده

بعد دقائق اختفى الجميع عن ناظر الفتى وبعد دقائق اخرى عادوا يجرون احد الشابين يضربونه ضربا مبرحا

الشاب يصرخ انا ماشى فى حالى مش انا
الضرب يشتد
الشاب يقول انا فقط شريك السارق
الضاربون يقولون مين هو؟
الشاب ما اعرفوش
الضرب يشتد
الشاب يصرخ اسمه كذا
الضاربون يسالون ساكن فين
الشاب ما اعرفش سكنه
الضرب يشتد
الشاب يصف منزل اللص الاخر بالتفصيل

كل هذه المعلومات حكاها لى المخبرون وابنى وانا اشكر الله فى صمت على سلامته


تباعا
عشت احداث تحمل كل ملامح بلدنا وناسها وتركيبة شخصياتنا بدون رتوش وبدون خيال وبدون استنتاجات

حقائق واضحه فجه لمجتمع ينهار بسرعه
المخبرون كل كلامهم تلميحات عن رغبتهم فى اكرامية مالية وعندما استشعروا بانى ربما لم افهم قالوا كلاما صريحا
الحقيقه كنت فرحان لنجاة ابنى وممتن لمجهوداتهم ومقدرا وفاهما انهم دخلوا برنامج الخصخصه السرى وان معظم دخلهم نتيجه اداء عملهم من الشعب وبدون وسيط

اعطيت كل فرد منهم مائه جنيه وانا اجهل هل هذا الرقم يرضيهم ام لا
ولكن رد فعلهم افهمنى انه رقم اكبر كثيرا مما تخيلوا

الان يريدون ان يكرموننى ويسعدونى ويقوموا بالواجب الكبير معى؟
كيف؟
قال كبيرهم والله يا باشا لحنا مظبطين ابن الـ... حتة تظبيطه
لم افهم ولكن باقى الكلام اوضح
والله طول الليل حنحطه على الفلكه, وحنحطله الكهربا فى ودنه, وتعالى اى وقت حتلاقيه متعلق على الباب ده
ضحك زميله قائلا الباب ده ياما شاف

ياربى
هذه الوحوش الآدمية تظن ان تعذيب انسان سيرضينى ويشفى غليلى

انصرف الثلاثه الى كمائنهم وبدأ كبيرهم فى كتابه المحضر وامر باحضار السارق
جاء الشاب السارق
شاب صغير السن جدا ومهندم ومتعلم وقصير القامه ضئيل الجسم
يداه مقيدتان خلف ظهره بحزامه بطريقه خانقه
عندما رآنى صار يستعطفنى ويقسم انه برئ وان المجرم هو زميله وانه فوجئ بما فعله ولم يستطع منعه

بعد ثوانى بدأت اميل لتصديقه واقتنع انه ضحيه لصديقه فعلا
ثم فوجئت بكاتب المحضر يسبه سبابا مقذعا لانه تكلم بدون اذن وقام اليه وصار يضربه ضربا لا نهاية لوحشيته وقسوته

صرخت فيه
اوعى تلمسه وانا قاعد
نظر الى فى دهشه وقال ده كان حيموت ابنك
قلت له وسيدخل السجن, ما فائده الضرب؟ ما تضربوش قدامى ابدا

بدا الموقف غير مفهوم تماما له وحتى لا يتصاعد امر باخراج السارق من الغرفه وبدأ فى اخذ اقوال ابنى الذى شرح دور كل من السارقين بدقه
يالى من ساذج
هذا المسكين الذى كنت قد صدقته كان منذ نصف ساعه جبار أثيم يفتش الفتى ويضع سن المطواه فى جنبه ويروعه ويهدده بالقتل

وكل الاستعطاف والحلفان مجرد اكاذيب وتمثيل

ثم حدثت مفاجأه لا تصدق
السارق والمسروق مواليد نفس اليوم والشهر والسنه
ما هذه المصادفه؟

سالت نفسى فى صمت
هذان الشابان خرجا الى الحياة فى نفس اليوم ما الذى فرق بين مصائرهم هكذا؟
المجتمع - الاهل - البيئه - الامكانيات - النصيب - ام ماذا؟



خرجنا من القسم وانا انظر الى ابنى بشفقه ورحمه واسال نفسى صامتا
يا ترى ماذا يشعر الان؟
كيف استقبل فى هذه السن الصغيره التهديد بالقتل ولحظه الخوف والترويع هذه؟
كيف سيختزن صور الضرب المبرح والقسوة المفرطه والوحشية التى لا مثيل لها التى رآها بعينه؟
كيف سيبرر سعادة المخبرين وهم يعذبون الفتى بدون ان يكون لهم اى غرض وبعد ان اعترف بكل المعلومات التى يريدونها؟
هل ستأتيه كوابيس؟
هل سيخاف وهو يسير فى الشارع؟
هل سيرتعب اذا اقترب منه اى شخص لا يعرفه؟
هل سيأمن لاى شرطى او ظابط؟
هل سيكون قادرا على تكوين اراء واعتناق قضايا والدفاع عن مواقف؟



اليوم استيقظت الساعه السابعه صباحا على جرس الباب
والد ووالدة السارق يبكون ويستعطفون
الحقيقه انى لا احمل لهم او لابنهم اى مشاعر وديه ولكنى وجدت نفسى اشفق عليهم

ماذا املك لكم؟
هذه جنايه سرقه بالاكراه
جنايه وليست جنحه
وعقوبتها من ثلاث الى سبع سنوات
وخصمكم هو المجتمع وليس انا
الذى سيقف فى المحاكمة يكيل الاتهامات الى ابنكم هى النيابه وليس انا ولا ابنى

انهم يريدون تغيير الاقوال فى النيابة
ماذا تقولون؟
انا ادفع ابنى الى الشهاده الزور فى اول حياته؟
اعلمه بنفسى اللعب بالكلمات والخبث واللف والدوران؟
ادفعه الى الكذب امام قاضى يمثل العداله؟



ثم
احداث كثيره مرت من الصباح حتى الظهيره ما بين تليفونات القسم وتوسلات الاسرة الحزينة وتحقيقات النيابه
ودخلت الان الى مكتبى
وقعت عينى على لوحة بها اسماء الله الحسنى
بحثت بعينى فى اسماء الله
العدل - الرحمن
المنتقم - الرحيم
القوى - الغفار
العزيز

ولمحت وجهى منعكسا على زجاج اللوحه
ما اتعسك ايها الرجل الهش الضعيف المتأرجح
والله لا فائدة منك

Wednesday, February 13, 2008

شبعت


شبعت من كل حاجه
شبعت من المكاسب ومن الخسائر
شبعت من الشغل ومن الاجازات
شبعت من الجد ومن اللهو
شبعت من السفر ومن الفسح
شبعت من الفلوس ومن الفلس
شبعت من الافترا ومن القهر
شبعت من الزهو ومن الخزى
شبعت من النساء ومن متعتهم
شبعت من تحقيق الاهداف ومن ضياع الامال

لم يعد هناك شئ مغرى
كل حاجه زى اى حاجه
الجنيه بقى زى الالف جنيه
السيات بقت زى المرسيدس
ساندوتش الفول بقى زى طبق الجمبرى
الفراش الدافئ بقى زى البارد
النوم بقى زى الصحيان
القراية بقت زى التليفزيون
التركيز بقى زى السرحان
البحر بقى زى النيل

لم يعد لى هدف ابذل له جهد
ولم يعد لى جهد ابذله لهدف

يا دنيا ما اجملك
لكنى
شبعت منك