الكراسى الموسيقية

توقفت الموسيقى فجأه
لا بد ان تتوقف فجأه
ويهرع كل لاعب الى كرسيه
وكرسيه هو نصيبه
او جنته
او ناره

والبعض ليس له كرسى
البعض خرج من اللعبة
لانها قواعد اللعبة

انزوى من فهم جالسا القرفصاء فى الخارج
عرف انه خارج المنظومة
وعرف ان اللعبه قواعدها صارمة
من يعترض تدهسه وتستمر فى طريقها

ولكن البعض لا يفهم
مازال يركض ويسعى
ويحلم ويتخيل كرسيه الضائع
وينتظر الموسيقى ان تتوقف

والجالسون يضحكون منه
يعجبهم غبائه ويطربهم آماله المستحيله ويمتعهم محاولاته اليائسه
ويرضيهم ان يخدعوه وان يوهموه وان يتلاعبوا به

وواحد ابن حلال يهتف
يا راجل افهم
اللعبه انتهت
وانت بره
برررررررررره

كل شئ واضح
لكن
هناك من لا يفهم
ولن يفهم

الفتـــــل

الفتل (جمع فتلة) هو شكل متكرر جدا لعلاقات الرجل والمرأه
تلاحظ ان احد الاطراف يمسك فى يده بفتله ومربوط فى اخرها الطرف الثانى

تحدث احداث وتقع مشاكل وتثور ثورات ثم ببساطه يشد الفتله ماسكها فتجد الطرف الثانى جاء طائعا باشا راضيا ناسيا اى اساءه

جاءنى احد اصدقائى مكفهرا غاضبا حانقا يشكو لى همه وحزنه من حبيبته
قال لى انها اخبرته (جاده) انه الشئ الوحيد الذى تندم عليه فى حياتها
واخبرته انها مزقت كل صوره ولها مطلب وحيد واخير عنده ان يمزق صورها التى لديه
وظل يقص علىَ ما يقع فى خانه الغرائب والعجائب مما هو غير مألوف من اهانات كلاميه ونفور لايحدث ابدا بين المحبين

ولكن لم يمر وقت طويل حتى شدت حبيبته الفتله فهرول اليها هاتفا شبيكى لبيكى


احدى الصديقات ايضا اخبرتنى كثيرا عن زوجها الذى يسئ اليها حتى نفذ رصيده من قلبها وصارت لا تهتم بوجوده او انصرافه وتفاصيل الاساءات فعلا سيئه وجارحه ومقنعه ومنطقيه لانهاء اى رصيد من حب مهما كبر

ولكن اتضح ان الزوج ماسك الفتله بشده
ما ان شدها حتى استرجع كل ما فقده من حب زوجته وحصل على غفرانها


والغريب انه عادة لا تخلو يد من فتله (او اكثر) يمسكها صاحبها ولا تخلو رقبه من فتله تقيد صاحبها حتى انى احيانا اتخيل لو ان الفتل تجسدت فى شكل مرئى لوجدنا البشر مربوطين بشبكه من الفتل لم تترك احدا

ولو نظرنا الى العلاقات الناجحه الوحيده لوجدنا انها التى يحمل كل طرف فيها فتله الثانى فى يده
وربما لا يحدث هذا الا قليلا

ولو جلس اى احد منا فى خلوة مع نفسه وحسبها صح سيكتشف الفتل التى فى يده وسيكتشف للاسف كم يصعب على الانسان ان يتخلص من تلك الفتل
وكيف ان هذه الفتل تحقق فى داخله شعور بالجداره والتميز والرضا حتى لو لم يكن يشدها الا نادرا او يشدها فقط لمجرد ان يتأكد ان طرف الفتله الثانى مازال مشبوكا فى عنق صاحبه لم يفلت منه بعد

وسيكتشف ايضا (بعد قليل من مصارحة الذات) الفتله التى فى عنقه واليد التى تمسكها والتى لايستطيع مقاومه اى شده بسيطه فيهرول طائعا

الغريب فى كل هذا ان الانسان دائما مستمتع بالفتل
سواء التى فى يده
او التى فى عنقه

نفسية اسلام

هناك احداث
وهناك ما وراء الاحداث
وهناك تبرير الاحداث
وهناك آليه حدوث الاحداث
وهناك سيكولوجية الاحداث

اقول هذا بمناسبه حجز قضية الظابط اسلام الذى عذب وهتك عرض عماد الكبير للحكم وهى القضيه المعروفه للقاصى والدانى

وانى اتمنى إن استقر ضمير القاضى على اجرام اسلام وشذوذه وساديته سواء حكم عليه بعقوبه جنائيه ام لم يحكم ان يأمر بان يخضع للبحث النفسى

ان اسلام (وظابط الزعفرانه كمثال) نماذج فجه جدا للمرض النفسى والشذوذ الفكرى والكبت الجنسى والانحطاط الاخلاقى بدرحة تخرج عن المألوف والطبيعى

وارجو ان لا يلهينا فهمنا لالية النظام واستبداده وديكتاتوريته ومنهجية التعذيب فى ابجدياته وشعوره الاكيد بكراهية الشعب له وفقدانه لكل مؤيديه ان نلاحظ خصوصية قضية اسلام وظابط الزعفرانه وبروز شخصياتهم المريضه على سطح الاحداث فصاروا لا يأدون واجبا او يطيعون اوامر كجنودهم مثلا ولكنهم كانوا يستمتعون ويستلذون, مهما كان تصور هذا الاستمتاع غريبا على العقول ومستعصيا على الفهم فنحن نتكلم عن مرضى وشواذ ولا يجب ان نتعجب ان رأينا منهم من يستمتع بأكل روث الحيوانات او ينتشى بشرب البول اوالاستحمام فى ماسورة مجارى

اتمنى ان اجد من اساتذه الطب النفسى من يكون حريصا وشغوفا وشاعرا ان من الواجب عليه وفاءا لهذاالبلد وهذا الشعب ان يدرس نفسية هذه النماذج البشعه

واتمنى ان اجد قريبا دراسات نفسيه لهؤلاء المسوخ الانسانيه والنفايات الادميه لنفهم كيف تكونت هذه التشوهات السرطانيه وكيف يمكننا اكتشافها وعزلها ووقاية المجتمع من انحطاطها

تسلم يا ابراهيم

يمكن عشان ذاكرتنا ضعيفه مش فاكرين كان الحال ازاى من خمس سنين
كانت ذات الرئيس مقدسه محدش ممكن يتعرض لها
كانت كل انواع المعارضه منصبه على الوزراء ورئيسهم فيما تحت لكن الرئيس كان مش ممكن حد يجيب سيرته

مره مثلا واحد كتب على الحيطه لا للتوريث الشرطه مسكته والنيابه -النيابه اللى هى ضمير الشعب وممثل المجتمع- حبسته والرئيس نفسه اللى افرج عنه

مره واحد تانى راح يبعت تلغراف للرئيس يقوله كفايه, موظف التلغراف نفسه جاب له الشرطه والنيابه -مرة اخرى- حبسته والرئيس -مره اخرى- اخرجه

هكذا كان الحال لو كنا نسينا حتى ظهر هذا الشاب الى ينتمى الى جيل ميئوس منه
بجرأه وبقوه وبشجاعه فائقه وبخفه دم هتف
اى حاجه تحصل لكن لازم نكسر التابوه ده
الرئيس بشر زينا ومسئول عن كل مصايبنا قبل الوزراء والمحافظين ولازم النقد يروح للمكان الطبيعى بتاعه

ابراهيم عيسى كان له السبق الاول فى رفع معول تحطيم التأليه الى تعود عليه المصريون من 52
انا تابعته فى الدستور الاول ثم الدستور الثانى ثم فى برنامج على القهوة الانطلاقه الحقيقيه لدعوته والتى تم منعه بطريقه الضغط على صاحب القناة من ناحية ديونه للبنوك
ثم تابعت سقوط التابوه وعلو الاصوات المعارضه للرئيس من كل الاتجاهات ثم تكوين الجماعات الشعبيه مثل كفايه وشايفينكم الخ

والنظام نادم جدا على انه لم يقضى على ابراهيم عيسى مبكرا
واليوم يخط الخطط ويسن السكاكين للتخلص منه بحيل ديكتاتوريه عفا عليها الزمن
صدقونى ابراهيم عيسى له فضل كبير على الجميع

وتسلم يا ابراهيم

دولة الحمير

كان يا مكان فى حاضر العصر والاوان مدينه جميله كل سكانها من الحمير
وكان يحكم المدينه من مئات السنين قردا ذكيا
واهل المدينه من الحمير لا يعرفون بالظبط كيف وصل القرد الى مقعد الحكم
يتناقلون جيلا عن جيل انهم فى لحظه تاريخيه منذ زمن طويل اجتمع الحمير الكبار واختاروا ان يحكم القرد
ولم تحدد الاقاويل لماذا قرر الحمير الحكماء وقتها ان يحكمهم القرد وظلت هذه نقطه غامضه
ولكنها على اى حال لا تستوقف احد

فالحمير فى هذا البلد عندهم نوع غريب من انفصام الشخصيه
يؤمنون انهم اذكى المخلوقات وانهم عباقره وانهم اصل الحضارات الحيوانيه فى الارض وفى نفس الوقت يشعرون بالدونية ناحية اى اجنبى عنهم سواء حصان او جاموس او خنزير وبالطبع القرد
ربما هذا كان سبب رضاهم بحكم القرد

المهم
مر مائه او مائتان او ثلاثة مائه عام والقرد يحكم وذهبت اجيال وجاءت اجيال والقرد هو هو قائد وزعيم وحكيم واب ورب عائله الحمير

فجأه وفى أمر غير مسبوق قررت الحمير ان تجتمع لمناقشه امر هام جدا
العواجيز والحكماء صاروا يدعون كل حمار الى مكان الاجتماع لمناقشه امر اثاره احد الحمير الشباب ولفت نظر الجميع

الحمار الشاب اكتشف فجأه ان ولا حمار من اصدقائه او معارفه رأى القرد الحاكم
سال اصدقائه وابائه واجداده ولم يقول اى منهم انه رآه
وسرت الحكايه فى كل المدينه وبحث الحمير جميعا عن اى حمار رأى القرد او كلمه او سمع صوته او يعرف شكله ولم يجدوا

وبدأت الشائعات والتساؤلات
هل هناك قرد يحكم فعلا ام انه وهم واسطورة وخدعه لم يناقش الحمير صحتها ابدا

وفى الاجتماع تعالت الاصوات وتكاثرت الاسئله وتزاحم الحمير على الحكماء الكبار منهم يسالونهم الراى والمشورة وظهر سؤال جديد لم يفكر فيه اى احد من قبل
لماذا يحكمنا قرد ونحن لسنا قرود؟

البعض قال لان القرد ارقى منا
ولكن هناك حمار مشاغب يسأل ولماذا يحكمنا من هو ارقى منا؟
وماذا افادنا انه ارقى منا؟
فنحن نعيش فى فقر وكل البلاد حولنا اغنياء
حتى الاكل صار لا يكفى ونحلت اجسادنا وبرزت عظامنا ومريضنا يموت وجاهلنا لا يتعلم

وتطورت الاسئله وتطورت حتى وصلت الى اهم سؤال
باى وسيله يحكمنا القرد؟
وباى وسيله يجبرنا على تنفيذ قراراته؟
وباى وسيله يجبرنا على السمع والطاعه؟

ان اى حمار منا هو جسمانيا اقوى من القرد ويستطيع برفصه واحده ان يطيح به
فلماذا ننفذ القرارات التى ينقلها لنا اصحابه والتى يأخذون بها كل خيرات بلدنا ويتركون لنا الفتات؟

هنا قال شيخ الحمير وحكيمها
انسيتم الشرطه؟
انهم يضربون ويعذبون اى مخالف لاوامر الحاكم

ولكن الحمار الشاب سأل
اوليس الشرطه حمير ايضا؟
وهم مثلنا فقراء ايضا وجوعى ايضا ومظلومين ايضا؟
فلماذا ينحازوا للقرد ولا ينحازوا لنا؟

وصاح الجميع
هناك سر
نختار قرد يحكمنا ونحن حمير
والقرد يأمر جزء منا ان يظلم جزء منا فيطيعه بالرغم انه يعانى مثلنا
والقرد ياخذ رزقنا ويعطيه لبعض الحمير الذين يختارهم ويحرمنا نحن ولا نعرف لماذا اختارهم ولماذا ميزهم عنا وما مصلحته فى فقرنا وجوعنا
والقرد الذى يحكمنا لم يره احد ولم يكلمه احد وربما يكون وهما او خيالا او مجرد تمثال او عروسه يحركها مجهول من بلدنا او من بلد اخر

ما الحقيقه؟
هنا هتف كبير الحكماء وقال
يا اخوانى لتكن الحقيقه ما تكون ولكن السؤال الاهم
ما الذى جعلها حقيقه؟

لا بد ان فينا عيبا
لا بد ان فينا عيبا
من يدلنا على عيبنا؟

احتدم الخلاف وفجأه قال احدهم
انسيتم حصاوى العجوز؟
انه احكم من احكم حمار فينا
اين هو؟

ردت اصوات انه مريض ويحتضر ويا تلحقوه يا متلحقهوش
جرى الحمير الى حصاوى وقصوا عليه القصه وسالوه
هل فينا عيب افسد حياتنا؟
وما هو عيبنا؟

اعتدل حصاوى وهو يغالب الموت وقال
نعم يا اخوانى
ان لدينا عيبا واحدا
عيبا واحدا فقط هو مشكلتنا التاريخيه العويصه ومصيبتنا الازليه
لو عرفناه سنعرف طريقنا ونفهم حالنا ونكتشف علتنا ونعرف لماذا صار هذا حالنا
او على ا لاقل سننتحر ونريح انفسنا

هتفت الحمير كيف يا شيخنا تعرف مشكلتنا وتتركنا فى هذا العذاب
رد الشيخ لانى اعرف انكم لن تصدقونى ولن تناقشوا ولن تقتنعوا ابدا
ابدا

هلل الحمير وقالوا
اخبرنا يا شيخنا وارحمنا
قال الشيخ وهو يسلم الروح

يا اخوانى مشكلة الحمار الوحيده
انه لا يعرف انه حمار